JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

مجزوءة المعرفة . ثانية باك

  مجزوءة المعرفة : 

تقديــــــم : 

- تدل المعرفة على تلك الحقيقية التي تتوصل إليها الذات العارفة عندما تدرك موضوع المعرفة بناء على منهج المعرفة، سواء تعلق الأمر بحقيقة العالم أو الطبيعة أو تعلق بحقيقة الذات. فالمعرفة هي إنتاج لعملية إدراك حسي و عقلي لموضوع ما  سواء كان هذا الموضوع هو الذات أو الطبيعة غير أن المعرفة المقصودة هنا في هذه المجزوءة هي المعرفة العلمية باعتبارها أرق أشكال المعرفة التي توصل إليها الإنسان في سعيه نحو فهم الطبيعة التي تحيطها بهدف تحقيق السيطرة عليها. 

- إذا كانت المعرفة تحيل على قدرة الفرد على استيحاب و إدراك ما يدور حوله من مواضيع و الوعي لها و تكوين أفكار و استنتاجات و إعطاء فروض و نظريات حولها من خلال الملاحظات فإن موضوع المعرفة هو من صميم اهتمام الفلسفة و الفلاسفة، لأن ما يميز وجود الإنسان عن غيره هو سعيه في الكشف عن خبايا هذا الوجود و تفسير ظواهره، هكذا يمكن تعريف المعرفة لأنها : العملية التي بواسطتها يدرك العقل موضوعا ما إنها مجموعة الأحكام التي يصدرها الإنسان لتفسير و فهم علاقته بوجوده الخاص و بوجود الأشياء الخارجية.

✓ فكيف تكون هذه المعرفة ممكنة ؟

✓ و ما طبيعة و حدود هذه المعرفة ؟ 

مفهوم : النظرية و التجربة .

تقديــــــــــم : 

من الصعب التمييز علميا من النشاط العلمي و المعرفة الذي يخص التجربة العلمية الخالصة، و النشاط العلمي و المعرفي الذي يخص النظرية المحضة، نظرا لعمق تداخل بينهما في تكوين المعرفة العلمية لذلك فإن العلاقة بين النظرية و التجربة هي إشكالية قد شكلت إحدى القضايا التي أفرزت مواقف متنوعة في حقل الدراسات الابستمولوجيا و ذلك نظرا لتقابل الذي يبدو بين النظرية كبناء عقلي خالص، وبين التجربة المرتبطة بالواقع.

من حيث الدلالة نجد أن النظرية تحل إلى ذلك البناء الفكري و التأملي الذي يأخذ صورة نسق من المفاهيم، القوانين و المبادئ المرتبطة فيما بينها و التي يتم بها تفسير ظواهر التي تمثل موضوع البحث. أما التجربة في دلالتها العلمية تحل على قيم بإعادة إحداث و صنع الظاهرة مخبريا في شروط محددة بهدف دراستها و الوصول إلى بناء علاقة حولها ( التجريب العلمي ) . من هنا نستنتج أن النظرية لها بعد عقلي باعتبارها بناء فكريا أما التجربة فلها بعد واقعي من حيث أنها مستمدة من الواقع و تعود إليه. هذا التباين هو ما يفضي بنا إلى مقارنة هذا النهج المفهومي من خلال المحاور التالية : 

• التجريبة و التجريب ( المعرفة العلمية بين دور كل من تجرب و العقل و الخيال ).

• العقلانية العلمية      ( الفرق بين العقلانية الفلسفية و العلمية ).

• معايير عالمية نظريات العلمية .

المحور الأول : التجربة و التجريب ( المعرفة العلمية بين التجريب و العقل و الخيال ).

المفاهيم : 

التجربة : هي ملاحظة الظاهرة كما تحث في الطبيعة أو هي الخبرات التي يكتسبها الإنسان جراء ما يصادفه من أحداث في علاقته                     بمحيطه ( المعنى العلمي التجربة يكون فيه العالم مجرد ملاحظة و متأثر بالظاهرة).

التجريب : إعادة صنع الظاهرة و نقلها إلى المختبر لإخضاعها للملاحظة و الفرضية و لمعرفة القوانين المتحكمة فيها ( المعنى العلمي                  يكون فيه العالم فاعلا و مندخلا في الظاهرة ).

مضمون الإشكالية : 

مبدئيا لا يمكن إنكار التكامل بين و ضيفة العقل و دور التجريب في بلوغ الحقائق العلمي، لكن حقل الابستمولوجيا ينطوي على إختلاف المواقف حول علاقة المعرفة العلمية بكل من العقل و التجربة الذهنية و التجريب العلمي.

✓ فما هي خصلات المنهج التجريبي ؟ 

✓ كيف تتحدد المعرفة العلمية ؟ 

✓ هل تبنى المعرفة العلمية بناء تجريبية خالصة أم لابد من استحضار عنصر العقل و التجارب في بنائها ؟ 

المواقف و الأطروحــــــــــات : 

1 - النزعة الوضعية " كلود برنار " : انسجاما مع تصور النهضة الوضعية التي تؤمن بدور التجربة في بناء المعرفة العلمية، و التي تعتبر التفسيرات العقلية متجاوزة و تعيدنا إلى مرحلة سابقة. يؤكد كلود براند على أن بناء المعرفة العلمية يستوجب إلى بناء خطوات دقيقة، وهي خطوات المنهج التجربة المكون من الملاحظات الفرضية، التجربة، القانون. و التي يبرزها في قولته : " الحادث يوحي بالفكرة، و الفكرة تقود إلى التجربة و توجهها، و التجربة تحكم بدورها على الفكرة ". أهمية هذا المنهج تكمن في كونه يتيح العالم إمكانية التأكد من صحة فرضيات و إخفاء الطابع العلمي عليها، كما أنه يمنع تدخل الذات لإسقاط مشارعها و أفكارها على الموضوع المدروس، ما ينتج معرفة علمية دقيقة تسمح بالتعليم و التنبؤ.

• الملاحظة و التجربة هما أهم خطوتين في هذا المنهج، 

2 - روني طوم : ينطلق من نزعة عقلانية معاصرة مؤكدا أن التجريب دور أساسي في بناء المعرفة العلمية، لكن الملاحظة للساحة العلمية في المرحلة المعاصرة سيجد بأن التجربة لوحدها ادلل تستطيع بناء المعرفة العلمية، خصوصا عندما يتعلق الأمر بظواهر فيزيائية لا يمكن إخضاعها للمنهج التجريبي. لذلك يؤكد طوم أهمية العقل و الخيال و دورهما الكبير في بناء المعرفة العلمية.

- يتضح إذن أن العقل في المرحلة المعاصرة يفتح المجال أمام تطور العلوم حتى في ظل عدم تحقق التجارب العلمية، و يقدم طوم آدلة على ذلك : 

• الفرضية ليست وليدة الملاحظة و حدها بل تنبثق في ذهن العالم بسبب اهتماماته العلمية ( سقوط التفاحة لم يكن ليتم لولا اهتمامه المسبق بحركة الكواكب و علاقة الاجسام فيما بينها ).

• العقل الرياضي أصبح له دورا أساسي في الفيزياء و الميكروسكوبية المعاصرة، يحل التجريب الذي تقلصت حدوده بفعل الظواهر الحقيقية ( الذرات و مكوناتها ).

تركيــــــــــــــب : 

يتبين أن إنتاج المعارف العلمية مشروط بالتكامل بين التجريب  الذي يحيل على ما هو واقعي ملموس، وبين العقل الذي يشير إلى النشاط النظري و الرياضي، و الإختلاف الملحوظ بين المواقف راجع إلى تباين المنطلقات الفكرية بين تصور و صنعي ينظر إلى التجريب كمبتدأ أو غاية للمعرفة العلمية، و بين موقف عقلاني معاصر يؤكد على أهمية العقل و اندماجه في تصميم المنهج العلمي.

المحور الثاني : العقلانية العلمية.

مضمون الإشكالية : 

✓ ماهي العقلانية العلمية و ما خصائصها ؟ 

✓ هل هي عقلانية كلاسيكية فلسفية منغلقة على ذاتها تعتبر العقل المصدر الوحيد المعرفة أم أنها عقلانية معاصرة علمية منفتحة على الواقع و التجربة ؟

المواقف و الأطروحــــــــــــــات : 

1 - العقلانية الفلسفية الكلاسيكية : عرفت العقلانية الكلاسيكية بطابعها الفلسفي و كتوجه يؤمن بقدرة العقل على بلوغ المعرفة دون                                                    اللجوء إلى التجربة أو إلى المعطيات الواقع. 

أ - روني ديكارت : تبلور هذا التصور مع ديكارت الذي شكك في معطيات الحواس معتبرا إياها خادعة، لا تفكر و لا تنتقد ( كانت تخبرنا بأن الشمس تدور و الأرض ثابتة ) لذلك فالمعرفة الحقيقية تبنى بالعقل وحده ، باعتباره بنية مكتملة لا تحتاج إلى معطيات الواقع و التجربة. و قد قدم ديكارت أدلة و قوانينا علمية تبني مدى مساهمة العقل وحده في تطور العلوم، ومن بينها : 

 قانون القصور الذاتي : الله فكرة فطرية في العقل و هو ثابت و كل ما خلقه كذلك ثابت يبقى على حاله، أي إذا خلق شيئا ساكنا فسيبقى ساكنا و إذا خلق شيئا متحركا إلى أن يتدخل شيء أخر خارجي ليغير من حاله.

 قانون الحفاظ على كمية الحركة في العالم، الله فكرة فطرية في العقل و هو ثابت، و بالتالي خلق كمية حركة ثابتة في العالم لا تريد و لا تنقص 

∆ في مقابل هذا التصور، ظهر توجه أخر تجريبي ( جون لوك دافيد هيوم ) يؤكد على أن التجربة هي المصدر الوحيد للمعرفة انطلاقا من مبدأ " العقل صفحة بيضاء تنفش عليها التجارب الحسية ". و ينتقد جون لوك قضية الأفكار الفطرية في العقل التي يؤمن بها رواد التوجه العقلاني الكلاسيكي لأنه لو كانت فكرة الله فطرية لكانت كونية، لكن لوك يؤكد أننا لا نجدها عند بعض الشعوب.

 يتبين أن العصر الحديث قد اتسم بطابع المنفصل بين العقل و التجربة .

ب - محاولة إيمانويل كانط التوفيقية : انتقد التصور بين السابقين معا مؤكدا على أن المعرفة لا توجد في العقل بشكل قبلي و لا جاهزة في الواقع، بل تبنى عبر مرحلتين ( مرحلة الحس و مرحلة الفهم / العقل ).

- مرحلة الحس : الحواس تقدم لنا معطيات حسية مفككة لا ترقى إلى درجة المعرفة   ( الحواس لا تعرف الأسباب المتحكمة في الظواهر ).

- مرحلة الفهم / العقل : يتدخل العقل بالمقولات القبلية ليؤطر تلك المعطيات الحسية محولا إياها إلى معرفة.

يقول : " الحدس الحسية بدون مفاهيم تظل عمياء، المفاهيم بدون حدس حسية تظل جوفاء ".

• بالرغم من نقدم للتصورين السابقين معا إلا أنه ظل يميل إلى التوجه العقلاني لأنه حافظ على مسألة المقولات القبلية في العقل، و هذا ما ستفرضه العقلانية المعاصرة.

2 - العقلانية العلمية المعاصرة : تميزت المرحلة المعاصرة لظهور مستجدات علمية ، اتضح بأن العقل الكلاسيكي لم يعد قادرا على مواكبتها و استعابها ما مهد الطريق أما عقلانية معاصرة علمية منفتحة على الواقع ودول التجربة، غاستون باشلار، في نظره العقل وحده و التجربة و حدها لا يكفيان لبناء المعرفة العلمية، إذ لا يمكن تأسيس العلوم دون الدخول في حوار جد لي بين العالم العقلاني و التجريبي. و معنى هذا أن العالم يحتاج إلى بقيت مزدوج أي إلى العقل و التجربة معا. 

تركيــــــــــــب : 

إن النزعة العقلانية تتحدد من خلال إعطاء الأولوية العقل و أحكامه، باعتباره عقلا كونيا و احدا. غير أن تطور العلوم، سواء منها العلوم الدقيقة، أو العلوم الإنسانية، أو العلوم المعرفية، سيفتح المجال أمام مقاربة جديدة للعقل و دوره، و سيقوم إلى تأسيس عقلانية جديدة، معاصرة .

المحور الثالث : معايير علمية النظريات العلمية.

مضمون الإشكالية : 

✓ ما الذي يجعل من نظرية ما نظرية علمية ؟ 

✓ بمعنى ما هو المقياس الذي تقاس بها عملية النظرية العلمية ؟ 

✓ هل هو معيار التحقق التجريبي و مطابقة للنظرية مع الواقع أم المتماسك المنطقي بين المنطلقات و النتائج ؟ 

المواقف و الأطروحـــــــــــــــات : 

1 - التصور التجريبي، معيار المطابقة مع الواقع / بيير دويم .

- تذكر منها الأطروحة التجريبية - الوضعية التي تعطي الأولوية التجربة كمنبع للنظرية و تجعل من مبدأ التحقق التجريبي معيارا أساسيا لصلاحيتها، و التعارف بمعيار التماسك و الانسجام المنطقي من منطلق أن موضوع النظرية الفيزيائية هو الظواهر الطبيعية مثل انتشار الحرارة و هذا لا يمكن الكشف عنه الا عبر الملاحظة و التجريب .

2 - التصور العقلاني المعاصر : معيار الانسجام و التماسك المنطقي بين المنطلقات و النتائج ( ألبرت أينشتاين ).

على خلاف التصور التجريبي - الوضعي يرى " ألبيت أينشتاين" أن معيار علمية النظرية العلمية هو الانسجام و التماسك المنطقي، ذلك أن النظرية الفيزيائية المعاصرة هي إبداع عقلي حر، فالعقل الرياضي هو وحده الكفيل ببنائها، فإذا كانت النظرية الفيزيائية الكلاسيكية تتعامل مع موضوعات قابلة الملاحظة و التجربة فإن العلم في الفيزياء المعاصرة يرى أن الواقع هو ما يتم فخمه بفعل تدخل العقل الرياضي، انطلاقا من الاستنباط المنطقي و ليس انطلاقا من التجربة .

تركيــــــــــــــــب : 

على سبيل الختم إذن يمكن أن نستنتج أن إشكال معايير علمية النظريات، لم يحظى بإجماع العلماء و المذكورين لذلك يمكن القول ان ما قدم من نقد للتصور الوضعي الاختياري له قيمته من الناحية العلمية، ذلك أن الواقع العلمي الراهن، سواء على مستوى الرياضيات أو الفيزياء او غيرها من العلوم الأخرى أصبح يعطي الفرض العلمي دورا أساسيا في بناء المعرفة العلمية و يظهر ذلك في الاهتمام الذي اوليه العلوم الصياغة الأكسيومية لنظرياتها، هذه الصياغة التي تهتم بمدى مطابقة رموزها الرياضية المختارة بشكل حر مع ما يجري في الواقع الحسي التجريبي، لكن هذا لا يعني إقصاء التجربة من كل بحث علمي و إنما وضع حدود لها، ليست التجربة بمعناها الكلاسيكي المباشر و إنما التجربة بمعناها المعاصر أي المجهزة بآليات دقيقة و محكمة، أي لا مناص في العلم المعاصر من الإقرار بتكامل كل من العقل المنفتح على كل الاحتمالات و التجربة بمعناها السابق .






الاسمبريد إلكترونيرسالة