JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

مجزوءة الوضع البشري " الشخص " ثانية باك

                      المجزوءة الأولى : الوضع البشري : 

تقــــــــــديم عام :

تضعنا مجزوءة الوضع البشري أمام دراسة فلسفية وجودية لمختلف شروط و الأبعاد و المحددات التي يتأطر ضمنها الوجود الإنساني و مصيره، أي العوامل التي تسمح يفهم حقيقة الكائن البشري التي تتصف بالتعقيد .

تعقيد مراجع لوضع المركب الإنسان في الوجود، ومن جهة يخضع مثل باقي الكائنات البيولوجيا لكنه من جهة أخرى يتميز عنها بقدراته على الوعي بذاته و تجاوز ذالك الضرورات، و التساؤل عن القواعد التي تجعل منه في مستقبل كائنا أفضل مما هو عليه الآن من خلال تحديد هوايته و مصدر قيمته و حريته ( مفهوم الشخص ).

من المؤكد أن النظرة إلى الإنسان لا تكتمل إلا باستحضار بعده العلائقي و التفاعل الذي يربطه بواقعه الاجتماعي، فهو لم يوجد للعيش واحدا و منعزل بل ليرتبط مع الغير وفي علاقات تأثير متبادلة متسائلا عن وجود هذا الغير و مدى إمكانية معرفته و طبيعة العلاقة معه ( مفهوم الغير ) .

مفهوم الشخص : 

تقـــــــديم : 

يحل مفهوم الشخص في اللغة العربية على معاني الظهور ، البروز و العظمة. كما يشير إلى ذالك معجم لسان العرب لإبن منظور " الشخص سواء الإنسان و غيره تراه من بعيد " من خلال هذا التعريف يتضح بأن معنى الشخص لا يوجد فيه تمييز بين الإنسان و باقي الكائنات لأنه حفظ في تعريف على الجوانب الخارجية .

- أما فلسفيا فيتحدد الشخص بوصفه ذاتا واعية، مفكر ، عاقلا، مريد، حر و مسؤول، أو كما عرفه إ. كانط* هو الذات التي لا يمكن أن تنسب إليها مسؤولية أفعالها *، و يتضح هذا التعريف أن مفهوم الشخص خاص بالكائن الإنساني.

مفهوم الشخص إذن ينطوي على المفارقة أساسية، إذ يتحدد من جهة بالجوانب الخارجية الظاهرة ومن جهة أخرى بالمقومات الذاتية البلالنية ، ما يجعله يطرح الإشكالية التالية : 

✓ كيف تتحدد هوية الشخص ؟ و على أي أساس تقوم ؟ 

✓ من أين يستمد الشخص قيمته ؟ 

✓ هل هذا الشخص كائن حى أم خاضع لظرورة و الحتمية ؟ 

المحور الأول : الشخص و الهوية : 

- شكل الإنسان على طول التاريخ الفكر الإنساني عامة و الفلسفي على وجه الخصوص الموضوع الأهم على الإطلاق، باعتباره كائنا يسمو عن باقي الموجودات الأخرى. و قد اهتمت الفلسفة بدراسة ماهيته المركبة من عدة أبعاد، أبرزها البعد البعد الوجودي الذي يطرح قضايا متعلقة بوضع الإنسان في الوجود. هذا الوضع المعقد و المركب من أبعاد أخرى : ذاتية و علائقية . فالبعد الذاتي يتمثل في مفهومي الشخص، الذي يعد مفهوما مركزيا لكونه طرح العديد من الإشكالات، ولعل النص الماثل امامنا يطرح احداها، و يتعلق الأمر بإشكال الشخص و هوية الشخص قائمة على الصفات الخارجية من جهة و على ما هو ثابت ضروري من جهة أخرى. و تجعل من الهوية مكونا ثابتا و متغيرات في الوقت نفسه. لذالك سنطرح الإشكالية التالية : 

✓ فما الذي يقصد بالشخص ؟ 

✓ ما الذي تعنيه الهوية ؟ 

✓ مامعنى التفكير و الذاكرة ؟

✓ ما طبيعة الهوية هل متغيرة أو ثابتة ؟ 

✓ كيف تحدد هوية الشخص ؟ 

✓ هل تحدد بالصفات الهامشية الخارجية أم أنها تقوم على ما هو ثابت و ضروري كالذاكرة و التفكير أم تأسس على الوعي و التفكير المجرد أم على الشعور و الذاكرة أم أن لها علاقة بالإدارة ؟ 

قبل العمل على تحديد أطروحة النص د كذا بنيته الحجاجية لابد اولا أن نتوقف عند خطوة المفاهيم الأساسية المشكلة لبنية النص، خصوصا وأن المفاهيم تشكل الخطوة الأساسية و الأولى لفهم النص، انسجاما مع ما قاله المفكر الفرنسي المعاصر جيل دولوز " الفلسفة هي فن إبداع المفاهيم " .

إن التامل في النص يوحي بأنه ينبني على مفاهيم مركزية من قبل مفهوم الشخص الذي يتحدد في معناه اللغوي بمعاني الظهور، البروز و العظمة كما أكد على ذالك معجم لسان العرب لإبن منظور .

إلا أن هذا التعريف لا يقيم تمييزا دقيقا بين الإنسان و باقي الكائنات الأخرى. أما فلسفيا فيتحدد الشخص كذات واعية، عاقلة، مفكرة، حرة، مسؤولة قانونيا و أخلاقيا، أو كما حدده إيمانويل كانط بتلك الذات التي يمكن أن تنسب إليها مسؤولية أفعالها. و يبدو هنا أن التعريف الفلسفي للشخص ينطق معناه على الكائن الإنسان دون غيره من الكائنات. بالإضافة إلى مفهوم الحرية التي يقصد بها مجموع الصفات و الخصائص الجوهرية الثابتة في الشخص و التي تجعل منه هو نفسه متطابقا مع ذاته لا يتغير بتغير المعطيات الخارجية. وقد اعتمد النص كذالك على مفهوم التفكير الذي يقصد بد تلك العملية الفعلية الواعية التي تقوم بها الذات، وحسب سياق النص فالتفكير يعد شرطا أساسيا لتحديد هوية الشخص، و أخيرا يمكن الحديث عن مفهوم الذاكرة التي يقصد بها إحدى القدرات التي تمكن الإنسان من تخزين المعلومات و الخبرات السابقة و استرجاعها كلما اراد ذالك ، وهي حسب سياق النص تعد أساسا لهوية الشخص .

- إن التأمل في هذه المفاهيم ستجد أنها ترتبط مع بعضها بعلاقة ترابط و تكامل، بحيث أن النص يتحدث عن التفكير و الذاكرة كمحددين لهوية الشخص، هذه الأخيرة التي قد تتغير إن وقع هناك تأثير على الذاكرة و التفكير .

- بعد خطوة المفاهيم، لا بدا أن تتطرق إلى تحديد أطروحة النص و فكرته العامة التي تعد إجابة فلسفية على إشكال هوية الشخص. فالنص الماتل أمامنا يدافع عن أطروحة فلسفية مفادها أن أساس هوية الشخص هو الثابت و الضروري الذي يضمن تفرد الشخص، و يرفض صاحب النص التصور السائد الذي يؤمن بأن الهوية تتحدد انطلاقا من المظاهر و الصفات الجسمية الخارجية، معتبرا أن هذه الأخيرة ليست شيئا ثابتا و ضروريا بل هي معطيات قابلة للتغيير في كل لحظة، مؤاكد على أن التغير الذي يطالها لا يؤدي بالضرورة إلى ضياع الهوية و ذالك على خلاف فقدان الذاكرة أو القدرة على التفكير الذي قد ينعكس سلبا على هوية الشخص. بالتالي فالنص في محمله يربط الهوية بالأساس العقلي الفكري المتمثل في الذاكرة و التفكير، و لايربطها بالأساس المادي الجسدي .

- مادمت  الفلسفة خطابا حجاجيا يروم الاقناع، فإن صاحب النص لم يخرج من النسق لأنه اعتمد مجموعة من الأساليب الحجاجية حتى يؤكد أطروحته. فقد عند إلى استعمال أسلوب المثال حين قدم مثال الفتاة " هناء " التي غيرت من شكلها الخارجي و خصائصها الجسمية لكنها في النهاية ضلت هي هيا رغم كل ذالك، وقد اعتمد على هذا الأسلوب بهدف التأكيد على أن الخصائص الجسمية ليست محدد هوية الشخص، بل ان حتى التغير الذي يطالها لا يؤدي إلى ضياع الهوية التي تبقى ثابتة. منتقلا إلى المقارنة بين التغير العقلي و التغير المادي الخارجي ليوضح أن التغير الأول يؤثر على الهوية، في حين أن الثاني لا ينعكس سلبا على ثباتها. وقد اختتم نصه باستنتاج " فالظاهر إذن " هدفه هو التأكيد على أن هوية الشخص ترتبط بقدرة التفكير و الذاكرة. كل هذه الأساليب المعتمدة جعلت النص حجاجيا بامتياز، بقوة إقناعية كبيرة .

✓ فما قيمة و حدود هذه الأطروحة ؟ 

✓ و هل يمكن الاكتفاء بها كاجابة و حيدة على الإشكال المطروح أم أن هناك تصورات أخرى ؟

إن التأمل في هذا النص و كذا أطروحته، يبين أنهما يكتسبان قيمة و أهمية كبرى. فالنص أولا استطاع الدفاع عن نفسه و أطروحته بأساليب حجاجية قوية، حيث قام بتوظيف مثال و اقعي و مقارنة، كما أنه وظف لغة بسيطة استطاعت إقناع القارئ. و الأطروحة ثانيا تكمن قيمتها في كونها أكدت على ثبات الهوية و ترابط مكوناتها و كذا  تطابق الشخص مع ذاته. كما ركزت على أهمية الجانب العقلي الفكري في تحديد الهوية. لكن بالرغم من كل هذه القيمة التي تكتسبها هذه الأطروحة إلا أنها تنطوي على حدود معينة تتمثل أساسا في صعوبة حصر الهوية في منطقتي الذاكرة و التفكير لأن هناك إمكانية تعرضهما للتلف و الضياع بسبب مرضا ما أو النسيان و الشيخوخة. بدون اغفال أن الأطروحة أقامت فصلا تعسفيا بين مكونات الإنسان الذي يتشكل من أبعاد متعددة كالجسد و الفكر و الإرادة ...  

إشكال الشخص والهوية لايمكن الإحاطة به من زاوية واحدة، بالتالي إن تأملنا تاريخ الفلسفة ستجده يزخر بمجموعة من التصورات التي حاولت مقاربته، وإن شئنا أن نفتح امكانات أخرى التفكير في هذا الإشكال، ستجد تصور الفيلسوف الفرنسي " رونيد ديكارت " الذي ينطلق من نزعة عقله مدافعا على أن هوية الشخص تتحدد بالفكر، لأنه هو القضية التي لا تقبل الشك بحكم بداهتها، بالتالي يبقى الفكر هو الشيء الذي يبقى ثابتا في الشخص. وقد أسس ديكارت تصوره على تجربة الشك المنهجي، حيث شكك في كل شيء ( ذاته، العالم، الحواس،..) بهدف بلوغ حقيقة يقينيه لا يعتريها الشك أبدا هكذا عندما بدأ يشك وجود أن هناك شياء واحدا لا يمكن الشك فيه وهو على أن جوهر الشخص هو الفكر. بالتالي هويته تتحدد من خلال كل الأفعال الفكرية الخالصة و المجردة عن الإحساس، فماذام الإنسان يفكر فأذن هو موجود كما نعبر على ذلك حقيقة الكوجيطو.

- بالإضافة إلى هذا التصور نجد الفيلسوف الانجليزي جون لوك الذي تنطلق فلسفته من تصور تجريبي يؤمن بمبدئ " العقل صفحة بيضاء تنفش عليه التجارب الحسية " وهذا ارفض للعقلانية التي تعتبر العقل مشكلة من أفكار فطرية سابقة على التجربة. بالتالي يرى جون لوك أن المعرفة التي يحملها الإنسان هي نتاج لحالاته الشعورية، فعندما أقوم بفعل حسي ما ( لمس شي بارد ) فهاد يولد إحساس معينا ( البرودة ) هذا الإحساس لا ينفصل عن التفكير، و التطابق بين الإحساس و الوعي بذلك الإحساس هو ما بشكل الهوية الشخصية. و يضيف جون لوك أن الذاكرة تجعل الشخص هو هو بالرغم من اختلاف الزمان، لأنها تربط بين مصر الماضي و الحاضر. بالتالي فالأساس  الذي تقوم عليه هوية الشخص هو الشعور و الذاكرة. في تصور أخر ركزت الفلسفة المعاصرة على تجاوز نظرة الفلسفة الحديثة للإنسان التي كانت تعتبره كائنا واعيا فقط، مهملة جوانب أخرى فيه كالجسد، اللاوعي، الغريزة... وفي هذا السياق تندرج فلسفة الفيلسوف الألماني ارنو شوبنهاور الذي يعتبر الإرادة جوهر الإنسان و المحرك الأساسي للسلوك الإنساني، و تحديدا إرادة الحياة. لأنه يعتبر أن الإرادة هي الخاصية الثابتة في الشخص مادمت شكلات الذاكرة و الشعور و التفكير معروضة للضياع و التلف. بالتالي تمثل الإرادة المصدر الأساسي للوعي بالذات و أساس هوية الشخص، فهذا الأخير في نظر شوبنهاور إما هو كائن يريد او لا يريد .

- بناء على ما سبق ذكره في التحليل و المناقشة، يتضح فعلا بأن إشكال هوية الشخص يعد من أبرز الإشكلات في تاريخ الفكر الفلسفي خاصة و الإنساني عامة، و الدليل على ذالك هو تعدد المواقف التي تقاربه سواء الفلسفية أو المرتبطة بحفل العلوم الإنسانية. فإذا كان صاحب النص قد أسس الهوية الشخصية على الذاكرة و الفكر، فإن ديكارت قد ربطها بالفكر المجرد، و جون لوك أسسها على الذاكرة و الشعور، في حين أن شوبنهاور جعل الإرادة مجددا أهميتها لها. و التباين بين هذه التصورات يجد تبريره في اختلاف المنطلقات و النزعات الفكرية، بالإضافة إلى الطابع المعقد للإشكال المدروس، ناهيك عن الطابع المركب لمفهوم الشخص خصوصا عندما يرتبط بمفاهيم أخرى أكثر تعقيدا : الهوية - التفكير - الشعور - الذاكرة و الإرادة . كما يمكن ان نعيد الاختلاف إلى التركيب الذي تتسم به ماهية الإنسان التي لا يمكن الإحاطة بها من زاوية واحدة دون استحضار الزوايا الأخرى .

المحور 2 : الشخص بوصف قيمته : 

مضمون الإشكالية : 

✓  من أين يستمد الشخص قيمته ؟ 

✓ هل قيمة الشخص المطلقة يستمدها من ذاته أم أنها قيمة اجتماعية يستمدها من خلال انفتاح على المجتمع و ارتباطه بالأخرين ؟ 

المواقف و الأطروحات : 

* إيمانويل كانط * : 

- يركز كانط على البعد الأخلاقي في الإنسان، معتبرا إياه مصدر قيمة الشخص. إذ أن امتلاك الإنسان لعقل عملي أخلاقي يكون منبعا بتصرفاته هو ما يقضي على القيمة الحقيقية، لأنه عقل حامل القواعد أخلاقية تتخذ صفة الواجب المطلق و الكوني و الواجب من أجل الواجب. و ينتج عن الالتزام بهذه القواعد كرامة مطلقة للشخص الذي يصبح غاية في ذاته و ليس مجرد وسيلة لتحقيق غايات الأخرين. فالإنسان حسب كانط لا يقدر بثمن لذالك لا يمكن أن يصبح و سيلة مثلما هو الحال بالنسبة للأشياء المفتقرة العقل و الإرادة.

• قيمة الشخص إذن حسب كانط مطلقة و مصدرها هو الذات التي تمتلك عقلا عمليا أخلاقيا يصير بموجبه الشخص غاية في ذاته و ليس وسيلة .

" جورج غوسدورف " :

- يرفض فكرة الإنسان المستقل بذاته التي تجسدت في الفلسفة الحديثة مع ديكارت و كانط، لأنها فكرة لا تستقيم مع طبيعة الوجود الواقعي للإنسان. فالإنسان لا يعيش في عزلة مطلقة عن الأخرين، بل يرتبط وجوده بعلاقات التضامن و المشاركة و الانفتاح على الغير، بمعنى اخر، يرى "جورج غوسدورف " أن قيمة الشخص الأخلاقية لا تتبع من كونه فردا مستقلا، بل تتحدد هذه القيمة في كونه شخصا يتقبل الغير و يدخل معه في علاقات اجتماعية. فالكمال الأخلاقي الشخص لا يتحقق إلا في علاقات التعايش داخل الجماعة البشرية و ممارسة أخلاق ملموسة مبتعدا بذالك عمل يسميه " غوسدورف" بالاستكفاء الوهمي، و مدى استعداد الذات للتواصل و التضامن مع الغير .

تركيــــــــــب : 

يتبين أن البعد الأخلاقي يمثل إحدى المقومات الأساسية للشخص، إذ منه يستمد قيمته و يتميز بالتالي عن باقي الكائنات الأخرى. لكن التفكير في مصدر قيمة الشخص يكشف عن تنوع الإجابات، و هذا يقيد شيئا واحد وهو تعدد مستويات النظر إلى حقيقة الإنسان . فهناك من يقضي على الشخص قيمة ذاتية مطلقة ( كانط ) ، وهناك من يؤكد على قيمة جماعية و اجتماعية تفتح الشخص على بعده الواقعي ( غوسدورف ). و الاختلاف بين هذه التصورات يجد تبريره في تباين المنطلقات الفكرية و كذا الطابع المعقد لإشكال قيمة الشخص و المركب لماهية الإنسان.

المحور 3 : الشخص بين الضرورة و الحرية : 

مضمون الإشكالية : 

✓ كيف يتحدد وضع الشخص بين الضرورة و الحرية ؟

✓ هل يمكن القول أنه كائن خاضع لضرورات و حتميات وبذلك تغدو حريته مجد وهم أم أنه بالفعل كائن حى و يتجاوز كل الحتميات محققا ذاته ؟ 

تعريف المفاهيم : 

• الضرورة : يقصد بها مختلف الحتميات أو الإكراهات الداخلية و الخارجية التي يخضع لها الإنسان سواء كان مصدرها طبيعيا أو اجتماعيا، وبذلك بصورة يفقد معها كل قدرة على الاختيار الحر و الفعل الإرادي .

• الحرية : هي قدرة الشخص على الانفلات من قبضة الضرورة بمختلف أشكالها و التصرف وفق مشيئته و اختياراته .

المواقف و الأطروحات: 

" باروخ سبينوزا " 

- يدافع على أن الشخص كائن فاقد للحرية و لا يتحكم في اختياراته و رغباته و سلوكاته، لأن حريته تتلاشى بفضل مجموعة من الأسباب الخفية التي تعود إلى طبيعة الإنسان و التي تتحكم فيه و توجهه بصمت. كما يؤكد على أن الكثير من الناس يعتقدون أنهم أحرار و أن أفعالهم تابعة من إرادتهم الخاصة، وذلك عندما يتحقق لهم الوعي بأفعالهم و رغباتهم، لكن " سبينوزا " يسفر هذا بجهلهم للأسباب الخفية المتحكمة في أفعاله تلك أي أن الإنسان يتوهم أنه حر عندما يجهل الأسباب الخفية التي تقف وراء كل تصرفاته .

" جون بول سارتر " 

يدافع رائد الفلسفة الوجودية بشكل كبير عن حرية الفرد خضوعه لأي سلطة خارجية، ينطلق من مبدأ يعتبر فيه أن وجود الإنسان سابق على ماهيته وذلك بخلاف الأشياء التي تتحدد ماهيتها بشكل قبلي سابقا على وجودها. أي أن الإنسان لا يمكنه أن يحدد مسبقا بوضعية أو بماهية ثابتة، فهو يوجد أولا ثم يصنع بنفسه ما يشاء بكل حرية. نتيجة هذا هي أن الإنسان يعتبر مشروعا لا يعرف الاكتمال مما يجعل تعريفه و تحديده بشكل نهائي غير ممكن، فما يميز الإنسان كشخص هو قدرته على تحديد ذاته و مصيره بنفسه و ذلك عندما يكون قادرا على الاختيار من بين مجموعة من الممكنات .

يقول * البطل هو الذي يصنع من نفسه بطلا، و الجبان هو الذي يجعل من نفسه جبانا *.

دفاع سارتر عن حرية الإنسان راجع لسببين : أولا : لأن الإنسان حر و بذلك فهو مسؤول عن هذه الحرية، لأن غياب هذه الأخيرة يعني غياب المسؤولية، إذ كيف أكون مسؤولا عن اختياراتي و أنا لست حرا ؟ و ثانيا : لأن الشخص يجد نفسه أمام مجموعة من الممكنات التي يختار واحدة منها، و اختياره هذا دليل على أنه حر .

تركيـــــــــــب : 

يتضح بعد كل هذا أن اشكال الشخص بين الضرورة و الحرية يعد من أبرز الإشكالات التي عمرت طويلا في تاريخ الفلسفة الحديثة و المعاصرة، و الدليل على ذالك هو تعدد المواقف و التصورات التي قاربته. فإذا كان " باروخ سبينوزا " قد نفى حرية الإنسان معتبرا إياها مجرد وهم، فإن سارتر قد دافع عن حرارية الشخص بشكل مطلق رابط إياها بالمسؤولية. و الإختلاف بين هذه التصورات يعود إلى الطابع المعقد الإشكالي  ناهيك عن تباين المنطلقات .






الاسمبريد إلكترونيرسالة